الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020

معالم : الجامع الكبير بصفاقس

الجامع الكبير بصفاقس هو الأقدم من بين  جوامع المدينة . تمّ بناؤه في عهد الدّولة الأغلبيّة و تحديدا سنة 849 م التّي تمّ خلالها أيضها تشييد السّور . يقع في مركز المدينة العتيقة فهو النّواة الرّئيسيّة في تخطيطها الّذي يميّز الحواضر الإسلاميّة . تحيط بالجامع منذ بنائه أهمّ الأنهج و الأسواق الّتي مازالت محافظة إلى اليوم على حركيّتها الاقتصاديّة و من بينها نهج الجامع الكبير و سوق الرّبع . شهد على مرّ العصور تغييرات عديدة أملتها الحركة الدّيمغرافيّة و الأحداث السّياسيّة . فبعد عشر سنوات من بنائه بالطّوب و الطّين على يد علي بن سالم البكري قاضي صفاقس ، وقع تجديده بالكلس و الطّين سنة 859م في عهد أبي ابراهيم أحمد ابن الأغلب . و في عهد الأمير الصنهاجي أبي الفتح المنصور تمّ سنة 988م بناء القبّة الّتي تعتلي الباب الرّئيسي و القبّة الّتي تقابلها في الجهة الجنوبيّة ، كما وقع تجديد جل أجزاء المسجد و تعلية المئذنة لتبلغ حوالي 25م و زخرفتها . عندما استقلّ حمّو ابن مليل البرغواطي بمدينة صفاقس عن حكم الصّنهاجيّين أجرى بدوره تحسينات أخرى على هذا المعلم . 
أدّت الحروب و الصّراعات و الاضطرابات الّتي شهدتها صفاقس بين القرنين 11م و 17 م إلى سقو ط و تخريب أجزاء من الجامع ، فاستولى عليها بعض أصحاب النّفوذ في المدينة و حوّلوها إلى دور و دكاكين و باعوها .  في سنة 1702م تولّى الشّيخ عبد العزيز الفراتي إمامة الجامع الكبير فجدّده من ماله الخاصّ و من الأحباس و أعاد له مكانته و بريقه ، ثمّ تواصلت التّحسينات و الاصلاحات إلى سنة 1744 م . تعرّض الجامع إلى القصف سنة 1881م أثناء حصار الجيش الفرنسي لمدينة صفاقس  ، كما سقطت عليه سنة 1942 قنبلتان أثناء الحرب العالميّة الثّانية . إثر الاستقلال شهد اصلاحات كبرى في مختلف أقسامه .
بالنّسبة لهندسته تتّسم الواجهة الشّرقيّة للجامع بتسلسل طريف لأقواس تعلو الأبواب و النّوافذ و تتخلّلها زخارف و شواهد تاريخيّة تعود للقرنين العاشر و الحادي عشر ميلادي . تعلو بيت الصّلاة قبّة هندسيّة جميلة . أمّا المحراب فقد وقع بناؤه سنة 1758 م و هو موشّى بزخرفة هندسيّة و كتابات بخطّ كوفي . تحيط بصحن الجامع أروقة من جهاته الأربع ، حيث يوجد بالجنوبي و الغربي منها عشرة أبواب خشبيّة و مرتفعة تسمّى أبواب البهور . تفتح كل هذه الأبواب على بيت الصّلاة و هي محلّاة بنقوش هندسيّة و نباتيّة دقيقة مستوحاة من الفنّ الشّرقي و بكتابات النّجّارين الّذين أبدعوا في صنعها . في الرّكن الشّمالي الغربي للصّحن تعلو المئذنة وهي على شاكلة مئذنة جامع عقبة ابن نافع ، هرميّة الشّكل و تتكوّن من ثلاثة أجزاء اثنان منهما يتميّزان بشرفات مسنّنة و كتابات كوفيّة و زخرفة نباتيّة و هندسيّة متنوّعة الأشكال . 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المركّب الثّقافي محمّد الجمّوسي بصفاقس : أمسية شعريّة عربيّة افتراضيّة

  في إطار المقهى الأدبي عبد الرّزّاق نزار ينظّم المركّب الثّقافي محمّد الجمّوسي بصفاقس أمسية شعريّة عربية افتراضيّة عبر تقنية التّواصل عن بع...